الجمعة, يونيو 13, 2025
الرئيسيةالرئيسةأسمهان أيقونة الثورة 

أسمهان أيقونة الثورة 

جسّدت أسمهان الأطرش دور المرأة السورية الحُرّة إلى يومنا هذا رغم كل التشويه الذي أحاط بها بعد حادثة اغتيالها، الأميرة أسمهان التي ولدت في عرض البحر المتوسط على ظهر سفينه يونانية هاربة من تركيا إلى لبنان عام 191‪8 أثناء تعاقب الاحتلالات لوطنها الأم سوريا  .

حملت الأميرة الصغيرة خصال الشجاعة والعطاء والتضحية والوطنية، كيف لا وهي ابنة الأمير فهد اسماعيل الأطرش الذي حارب العثمانيين ..! وهو خال المجاهد العظيم سلطان باشا الاطرش الذي حارب الفرنسيين، أسمهان التي عاشت ستة وعشرين عاماً فقط لم تقتصر عظمتها على دورها الفني الذي قلبت به الموازين عربياً وعالمياً، بل جسدت في نضالها الوطني رمزاً أُنثوياً للثورة والتحرر؛ وكانت أُنموذجاً للمرأة السورية والعربية في ثورتها الفكرية التحررية أولاً والفنية التجدّدية ثانياً ثم تبلورت عظمتها في ثورتها الوطنية النضالية الخالدة، حيث لعبت دوراً تاريخياً عام 1941 سعياً لاستقلال سوريا ولبنان، فتعرضت أسمهان للتهديد من قوات فيشي الفرنسية وتحديداً من ( الكولونيل بلان ) الذي أرسل لها برقية تهديد يطلب فيها من أسمهان إقناع زعماء السويداء وسوريا بالتحالف مع الفيشيين ضد قوات ديغول ( فرنسا الحرة ) أو أن يكون مصيرها القتل كما توعّد لها..! هذه البرقيه التي كشف عنها وثائقي فرنسي عن أسمهان عُرِضَ عام 2014

كانت أولى محاولات اغتيال أسمهان من الفيشيين عام 1941 عقب نجاح خطتها مع البريطانيين لطرد نفوذ الألماني من سوريا فهربت من السويداء متنكرة بزَيّ عبدٍ أسود حيث أوصلها شقيقها منير الأطرش إلى الجولان ومن هناك رافقها الأمير فاعور إلى القدس. وكانت المحاولة الثانيه لاغتيالها من الفيشيين عام 1942 في قصرها آنذاك ( قصر سرسق ) في لبنان.

كما أن أسمهان أصبحت عدوةً للبريطانيين حينما قَبِلت التواصل مع الألمان تلبيةً لدعوة سفير هتلر في أنقرة منصف عام 1941 للتحالف مع الألمان ضد البريطانيين والديغوليين بعد أن خذلوها بعدم إعطاء سوريا ولبنان استقلالهما التام بعد انحسار قوات فيشي نحو تركيا بفضل جهود أسمهان…!

إن مماطلات ديغول وكاترو  وتأجيل إعلان استقلال سوريا ولبنان إلى حين انتهاء الحرب العالمية الثانية ( وهو أجلٌ غير مسمى ) جعلت الرأي العام ينقلب على أسمهان ويتهمها بالعمالة مما دفعها للإنقلاب على الحلفاء لمصلحة الألمان، ولمْ تبالِ بحياتها أو بمصالحها الشخصية رغم التهديدات وكانت مستعدةً للإستشهاد في أي لحظة مقابل إعلان الاستقلال؛ وهذا ما حصل..

عُقب فشل خطة أسمهان بالإنقلاب على الحلفاء أعطى الجنرال البريطاني ( كلايتن ) أمراً باغتيالها في أواخر عام 1941  بعد أن اعتقتلتها القوات البريطانية على حدود حلب التركية وأعادوها إلى لبنان، وتأخر تنفيذ أمر كلايتن حتى عام 1944 حينما دخلت أسمهان مصر بعد طول عناء .

أثناء الإنتداب شاع الفقر والجوع كثيراً في سوريا ولبنان فقدمت أسمهان الكثير لأبناء بلدها واشتهرت بدرجة سامية من العطاء وساهمت بمساعدات كبيرة لأهل السويداء عامةً وتمويل عشرات التجار في دمشق بين عامي 1941 و 1943 كما قدمت الكثير لفقراء لبنان عام 1942 أثناء انتشار المجاعات والفقر جراء الحرب العالمية الثانية وأثناء انقطاع مادة الطحين من الأسواق اللبنانية قررت أسمهان توزيع الطحين لكل فقراء لبنان أسبوعياً في قصرها على حسابها الخاص .

لم تردد أسمهان في ثورتها على عادات المجتمع التي تصب في تهميش المرأة، كما عزمت على إحداث انقلاب تاريخي في عالم الفن وخرجت عن المألوف فأدخلت العولمة الموسيقية إلى الغناء العربي ثم دخل الغناء العربي دنيا العولمة، وكرّست سنواتها الأخيرة لتحرير أرضها من الاستعمار ونالت الشهادة قبل أن ترى بلادها مستقلة وقبل أن يبصر فيلمها الثاني ( غرام وانتقام ) النور؛ والذي غنت فيه أول موال سوري في السينما المصرية ( موال يا ديرتي ) وفيه ردت على كل من اتهمها بالخيانة، ونالت سوريا استقلالها التام عام 1946 ونال لبنان استقلاله التام عام 1945 بفضل دماء الشهداء ومنهم أسمهان الأطرش… أيقونة الثورة.

جدل نيوز

يوسف يوسف

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات