تاج الدراما السورية … تزيّن بجواهر المشاهد الإنسانية
بعيداً عن النقد الدرامي ووجهات النظر الخاصّة بكلّ ما تمّ عرضه في الموسم الرمضاني من مسلسلات وحكايات، أغتنم الفرصة أصدقائي القرّاء اليوم لأعبّر عن رأيي كمشاهد محبّ للتلفاز والسينما منذ زمن ليس بالقريب أُتيحت له الفرصة أن يقول ما يجول في فكره على الملأ، متمنيّةً أن تبادلوني وجهات نظركم.
يلمسني كمشاهد أن أرى في خضم عمل أقرب للتاريخي، فيه من الدم والقتال والحرب ما يكفي لأنّ يحوّل الأشخاص إلى وحوش لا تعرف الرحمة، خاصّة بعد أن اعتدنا مشاهدة العنف الصافي في الفترة الأخيرة على شاشات التلفاز.
سأبدأ معكم باستعراض بعض المشاهد التي دفعتني لكتابة ما تقرؤونه الآن:
عندما أتى الكولونيل “جول” في حواره الأخير قبل الاغتيال ليودّع ولده، على الرغم من أنه لم يكن الأب المثالي ولا حتّى ظلّ أب، بل كان قائداً عسكرياً مشبعاً بالحرب والموت، فتلاشى كلّ ذلك أمام والد يرى ابنه ربّما للمرّة الأخيرة لتشعر أن جبروت ذاك القائد اندحر أمام شعوره الإنساني كأب ظلم ولده مراراً وتكراراً.
وبالانتقال إلى لوحة العشاء الأخير الذي جمع بين الخيّاط و”نوران” في القبو، تجلّى الجاسوس من قوّته ودهائه وشرّه معترفاً بحبّه الخالص لزوجته، لعلّ هذه الطريقة في الحبّ ليست سليمة كما ينبغي أن تكون لكن لشخصيّة تشبه “رياض الجوهر” أعتقد أنّها أسمى مرحلة إنسانيّة يستطيع الوصول إليها.

تاج الدراما السورية … تزيّن بجواهر المشاهد الإنسانية
أمّا بالنسبة للمشهد الأعظم، حيث تبادل “المقص” صديقه “صبحي” مع الضابط الفرنسي “لويس”، ورفضه إطلاق النار على رهينته على الرغم من وجود الأسباب التي تدفعه لذلك، فباعتقادي أنّ المخرج والكاتب أرادا إيصال رسالة مضمونها أنّ البطل الذي لا يستطيع التفريق بحسّه الإنساني بين الأشرار والأخيار حتّى ولو كانوا من أعدائه، لن يستحق أن يكون بطلاً، فلو كنت بطلاً من غير إنسانيّة فأين أنت من بني البشر؟!
وتتوالى الرؤى الإنسانيّة في العمل سواءً من الطبيبة الفرنسيّة “ماريون” إلى الضابط “لويس”إلى آخرين غيرهم، إذ يُحسب لصّناع العمل عدم تعميم صفة الشرّ على شعب كامل مهما كانت صفة ذاك الشعب.
وأخيراً لا أخفيكم بأني أحببت “سليم” و”الصابوني” بشكل خاصّ، وكانت تليق بكليهما (الخوص والأحمد) العبارة التي قالها الفنّان “كفاح الخوص” في نهاية المسلسل “البطل القديم رجع”، فبالنهاية كلٌّ يعود إلى مضماره، الملاكم إلى الحلبة والفنّان إلى المشهد، كما تليق بأن نطلقها على الدراما السوريّة، فنقول “الدراما القديمة رجعت”.
تقبّلوا حبّي واحترامي أصدقائي مع هذه المادّة، آملة أن يكون رأيي خفيفاً على صدوركم.

