عندما ينافس الكاتب نفسه مال القبان أولاد بديعة
قبل بدء حلقات مسلسلي (أولاد بديعة، مال القبان) نقرأ المكتوب: أيّ تشابه بين العمل مع أسماء أو جهات عامّة أو شخصيّة على أرض الواقع هو تشابه غير مقصود، وجاء بمحض الصدفة لا أكثر … إلخ.
يقدّم المؤلّف في مسلسليه “مال القبان” و”أولاد بديعة” رؤية مؤثّرة عن الحياة والمجتمع، مستعرضاً تجارب الشخصيّات في ماضيهم وصولاً إلى حاضرهم.
تبدأ القصة في “مال القبان” بعد أن تصل عدويّة إلى سوق الهال حامل بطفلها، تاركةً وراءها ماضٍ مؤلم، تظهر بثياب بسيطة ووجه مليء بالجروح، حاملةً عبء الحياة.
أمّا في “أولاد بديعة”، نلاحظ بديعة تسير في حيّ الدباغات بثياب رثّة وشعر مبعثر، وتلتقط بثوبها طفلة صغيرة، يدخل عارف الدباغ إلى الحيّ عند ولادة طفله مختار، ليكون مقارنة قويّة مع عدوية الحامل بطفلها في مسلسل “مال القبان”.
في “مال القبان”، تتعرّض عدويّة وابنها لظروف صعبة، تعيش في مكان غير صالح للحياة، حيث يحاول نصّار أبو عمار إيقاظها من نومها والتقرّب منها لكن عدوية ترفض.
بالمقابل في “أولاد بديعة” يجد عارف نفسه بالقرب من بديعة التي تسكن في مكان شبيه لمكان إقامة عدوية، ينجح عارف بأخذ بديعة، وبينما تبقى الطفلة نائمة، في مشهد مشابه في جزئيّة لـ “مال القبان”.
تتصاعد المشاكل في السوق بين نجاح سفكوني (أبو عمار) وبسام كوسا (نعمان الزير) في “مال القبان”، حيث يبدأ الصراع في احتكار المواد ومنها مادّة البصل، وهذا الصراع ينتقل للأبناء، وبالمثل، في “أولاد بديعة”، يندلع صراع بين حسين عباس (أبو هديل)، وفادي صبيح (عارف الدباغ) على المياه والجلود، ويمتد الخلاف ليصل إلى أبنائهم.

عندما ينافس الكاتب نفسه مال القبان أولاد بديعة
في “مال القبان” يأتي يامن الحجلي (خيري) وصديقه محمد قنوع (مياس) بشاب عبر الحيلة والدهاء ليقتلاه، ثمّ يتفاوضون معه على حمولة الموز، بينما في “أولاد بديعة”، يحتجز يامن الحجلي (ياسين) وأخوه سامر إسماعيل (شاهين) شابّاً مستخدمين الأسلوب ذاته لجلبه بالحيلة ليقتلاه، ويتفاوضون من بعدها على المياه.
تبرز تفاصيل السوق في “مال القبان” عندما تدخل شاحنة محمّلة بالبصل، بينما يرى المشاهد في “أولاد بديعة” صهريج المياه وهو يدخل سوق الدباغات.
كما تظهر لافتات في السوق تشير إلى أصحابها في “مال القبان”، حيث يكتب على لافتة “أبو نصار الجبر لتجارة الخضار والفواكه”، وفي “أولاد بديعة”، يكتب على لافتة “عارف الدباغ لكافة أنواع الجلود”.
بسام كوسا يزور والدته في منزلها، يلقي عليها العتاب واللوم ويحمّلها مسؤوليّة الماضي في “مال القبان”، بينما في “أولاد بديعة” والدة سلاف معمار “سكر” تزورها في المنام مما يفتح باباً لعتاب ولوم مماثل بينهما لما شاهدناه في “مال القبان”.
في “مال القبان” يصاحب (يامن الحجلي) الفتيات لتحقيق غايات، ثمّ تحصل خلافات بينه وبينهن بسبب تهرّبه من دفع المال أو يقوم بدفع نقود مزوّرة.
في مشهد مماثل في “أولاد بديعة” نشاهده أيضاً يصاحب الفتيات، ويحصل خلافات بينه وبينهن بسبب تهربه من دفع المال.
بشكل عامّ، تظهر الشخصيّات في المسلسلين محاصرة في مشاكلهم (مأزومة، موتورة) وتتفاقم هذه المشاكل في كلّ حلقة، وتتميّز الشخصيّات بحواراتهم المتكررة والحركات المكررة (اللازمة الكلاميّة والحركيّة) بشكل مبالغ فيه.

هل ستستمر الشخصيّات في مسلسلي “مال القبان” و”أولاد بديعة” في تكرارها النمطي وتشابهاتها المتعددة، أم سينجح الكاتبان في تغيير مسار الأحداث وسيجدون طريقاً للخروج من هذه الدوامة وتحقيق التغيير؟!
هذا ما ستوضحه لنا الحلقات القادمة.