أسمهان وماجدة الرومي بين المجد والركوع
ارتبطَ اسمُ ماجدة الرومي باسمِ أسمهان منذُ انطلاقةِ الرومي الفنّيّةِ حيثُ بدأت مَسيرتَها بأغنياتِ أسمهان وأظهرت تأثُّرَها الكبيرَ بفنّها، ولَم تَسلَم مؤخّراً مِنَ المقارنةِ بها بعدَ انتشارِ مشهدِ رُكوعِها أمامَ فيروز مواسيةً لها برحيلِ ابنها زياد، فاجتمعَ ذُبابُ السوشال ميديا مهاجماً الماجدة لمبالغتها أو استعراضِها كما يزعَمون!
يأخذنا هذا المشهدُ إلى شائعةِ رُكوعِ أسمهان أمامَ أم كلثوم وهي تُغنّي في منزلِ عائلةِ الأطرش في مصرَ كما صرّح شقيقُها الأكبر فؤاد الأطرش للمرّة الأولى في مجلة الكواكب -العدد 851 – العام 1967 أي بعد ثلاثةٍوعشرين عاماً من وفاة شقيقته!
تُرى ما وجهُ الشبهِ بينَ الرّكعَتَينِ لو كانَ هذا رُكوعاً حقّاً؟
في البدايةِ إنّني منَ الذينَ لا يُصَدِّقوا شائعةَ رُكوعِ أسمهان أمامَ أم كلثوم لأسبابٍ عِدّة، أوّلُها أنَّ أسمهان لم تَكُن مطربةً عاديّةً بل كانت أوّلاً أميرةَ جَبلِ الدُّروزِ في سوريا، وهي ثانياً المطربةُ المُعتدّةُ بنَفسِها الفَخورةُ بأصلِها ثُمَّ مَوهِبَتِها، هَجَرَت أسمهان زَوجَها وقَصرَها في سوريا لكنّها لَم تَخلَع يوماً ثوبَ الإمارةِ مَهما بَلَغَت حاجَتُها في مصرَ فَرفَضَت جَنيَ المالِ مِنَ الغِناءِ في حفلاتِ السَّيّدات، فَكيفَ للّتي ترفُضُ الغناءَ للنّساءِ أن تَركَعَ لمطربة؟

ثُمّ أنّ هذهِ الشائعةَ مَصدَرُها ” فؤاد الأطرش ” الأخُ الأكبرُ لفريد وأسمهان، وهوَ الذي يَملكُ ما يَكفيهِ من القَسوةِ والغيرةِ والأنانيّة والاستغلالِ لشَقيقَتهِ قبلَ وبعدَ رحيلها، كما أرّخَ كُلّ مَن عاصَروا أسمهان!
إنَّ مُتاجرَةَ فؤاد بإرثِ شقيقِهِ فريد بعدَ رحيلهِ عامَ 1974 يُثبِتُ لنا صحّةَ كلامِ أولئكَ المؤرخينَ عن ظُلمِهِ لأسمهان واستغلالها، ويَعتَرفُ فؤاد في أحدِ لقاءاتهِ التّلفزيونيّةِ: ((قالَ لي فريد وهو على فراشِ الموت أنا تمنّيتُ أن أُفارقَ الحياةَ قبلكَ كي تَشعُرَ بما أنا شَعرتُ بعدَ رحيلِ أسمهان)).
أسمهان وماجدة الرومي بين المجد والركوع

ولا ننسَ أنّ فؤاد من أبرزِ عُشّاقِ أم كلثوم المُتملّقين وكانَ يتحيَّزُ لها حتّى في خِلافِها مع شقيقهِ الموسيقار، والأهمُّ أنّهُ أطلَقَ شائِعتَهُ المُهينةَ بِحَقّ شقيقتهِ بعدَ وفاتها، ولم يذكر شهوداً على كلامه، وكما يبدو أنّ هَدفهُ التملُّق لأسرةِ أم كلثوم وعُشاقها أو تنفيذاً لأمر أحد أشخاص السلطة في مصر، أو أنهُ تَقاضى ثَمنَ الشائعةِ مِن جِهاتٍ مُعيّنةٍ عَمِلَت طَويلاً على تهميشِ تاريخِ أسمهان وفريد الأطرش!
أمّا عَن ماجدة الرومي فَما رأيناها راكعةً لِفيروز الفنانة التي تعتلي المسارح، بَل ركعَت للأمّ الحَزينةِ التي تَدفِنُ ابنَها بعدَ صِراعهِ معَ المرض وهنا فرقٌ كبير، أمّا فيروز التي حافظَت على سُكونِها لم تَكُن مُجَرّدَ أُمٍّ صابرة! إنما بَلَغت أحزانُها حدَّ الإدمانِ فلم تُترجَم سِوى بالصّمت.

