الزلزال مثل هذا اليوم

تداعت أحداث مرعبة وكثيرة في مثل هذا اليوم، الموافق للسادس من شباط العام الفائت، وسببها الأساس والأبرز الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري، في حادثة لم نشهد مثلها في تاريخنا المعاصر، وفي منطقتنا على وجه التحديد.
كنت قبلها بمدّة وجيزة أُنهي بعض المذكرات التي كتبها (ابن القلانسي)، ومن دون داعي منطقي وجدت نفسي استغرق في قراءة ما وثّقه كتاب ذيل تاريخ دمشق عن الزلزال الذي ضرب دمشق 1759 ذلك الوقت، أي في القرن الثامن عشر.
وظّفت حينها منطقاً من كلام (ابن القلانسي) الموثّق في ورشة كتابة، انضممت إليها، وتحمّست لها كثيراً، واليوم أسأل نفسي لماذا كان ذلك التداعي اللامنطقي إذا ربطته بما جرى في السادس من فبراير، والمنطقي إذا آمنت بأنّ اللغة الكونيّة مرنة، وتهمس لنا من حيث لا نتوقع.
خسائر بشرية فادحة وإحصاءات باتت تتزايد من ساعة لأخرى، ثمّ تلتها مناظر مروّعة لأبنية تنهدم، وحارات تسقط كما هي، وتصريحات البشر بين هنا وهناك، وهكذا انتشر الرعب، ليصل في حصيلة نهائيّة أكثر من 51 ألف قتيل، وأكثر من 120 ألف مصاب …
الزلزال مثل هذا اليوم

أين المفر من غضب الطبيعة؟ سؤال طرحته أوّلاً على نفسي، فعندما تقرر الطبيعة قراراً هي لا تسأل عن رغباتنا نحن الذين نعتبر أبنائها، وأيّ أبناء في مثل هذا التنفيذ؟! الأبناء العاقون فعلاً أم الغافلون؟!
اليوم أعاود استذكار تلك اللحظات، وما تلاها من أحداث، وهزّات ارتداديّة، ومواقف تدعو لالتقاط سخرية القدر منّا، وما اعتبره البعض مصائب كان فوائد عند البعض الآخر، وأيّة فوائد؟!
مع مرور الوقت ما يدعى مصيبة يبقى كذلك عند البشر، لكن عند الطبيعة قد لا يكون كذلك أبداً فحساباتها تختلف تماماً، ولربما تتحصل المنطقة على فائدة أو فوائد غير متوقعة من حادثة الزلزال المروّعة فيما بعد، فلننتظر ونرى.
لن أطيل كلامي، ولكن أقول بأنه قلّما استحضر في ذاكرتي أحداث مؤلمة، لكن هذه المرّة التأمّل فيما جرى هو الذي يدعو القلم لأن يكتب ويكتب، ويدعوني لمراجعة مذكراتي في تلك الأيّام من شهر شباط الماضي.
بقلم رئيس التحرير عامر فؤاد عامر