الأحد, فبراير 16, 2025
الرئيسيةفنونأفلام ومسلسلاتالفهد أجمل الأفلام السورية

الفهد أجمل الأفلام السورية

يُعدّ فيلم الفهد أجمل أفلام السينما السورية، المُنتج في العام 1972 للمخرج الراحل “نبيل المالح”، هو عتبة حقيقيّة للسينما في سوريا، بأن منحها قواعدها الأساسيّة، متخذةً منه طريقها باتجاه هويّة خاصّة، غير مستنسخة من أيّ مدرسة أخرى، وهنا تبرز أهميّة هذا العمل السينمائي، والذي يحمل ميّزاتٍ عديدة أخرى سأحاول الإشارة إليها من خلال هذا المقال.

الفنانة إغراء والفنان أديب قدورة من أبطال فيلم الفهد له دور في منح السينما السورية هويتها الخاصة

فيلم خالد

باستعراض الأدوات والإمكانات التي ولد فيها الفيلم، وعبر النظر إلى كلّ عناصر تكوينه، يمكن منحه علامة عالية 90%، ليكون في مقدّمة الإنتاجات السينمائيّة الأهمّ في تاريخ سينمانا السوريّة والعربيّة، بل إنه اختير في مهرجان بوزان الدولي العاشر في العام 2005 للأفلام الآسيويّة ضمن قائمة الأفلام الخالدة في تاريخ السينما الآسيويّة.

لقطة من فيلم الفهد للفنان أديب قدروة الذي جسد دور أبو علي شاهين من منطقة مصياف ويتحول لرمز وأسطورة في النضال لكن يتم القبض عليه ويساق أسيراً

أبو علي شاهين

يكثّف الفيلم تاريخ شخصيّة مقاومة، تحوّلت إلى رمز وأسطورة في النضال لأهل منطقة مصياف وما حولها، هي شخصيّة “فهد أبو علي شاهين – أديب قدّورة”، ويأتي هذا الاستعراض من ذاكرة أبو علي وهو مُساق باتجاه المشنقة، بعد أن تمّ القبض عليه. إذاً وخلال المسافة التي يمشيها مقيّداً بالسلاسل يستعرض المخرج الحكاية من بداية وذروة ونهاية، وكلّ ذلك عبر لغة سينمائيّة سرديّة لكن بقالب فني مُطعّم بالتشويق والإثارة.

صورة لوجه الفنان أديب قدروة من فيلم الفهد أجمل أفلام السينما السورية بدايته فيها وصية يطلقها أبو علي للفلاحين من أجل مقاومة الإقطاع

وصية

جعلت الوصيّة التي يطلقها أبو علي للفلاح ومقاومة الإقطاع، ميزة خاصة للفهد ليكون أجمل الأفلام السوري، فأحداث الرواية تقع زمنيّاً إبّان خروج الفرنسيين من سوريا، واستفراد الإقطاع وسيطرتهم على مساحات واسعة من الأراضي والأملاك، واستغلال الناس للعمل لديهم، ضمن أقسى الظروف وأكثر الممارسات إهانةً. ثم يأتي الروي عبر ذاكرة البطل أبو علي شاهين ليصف لنا المخرج “المالح” الظروف التي دفعت به للثورة ضدّ الإقطاع ومقاومتهم، ويعلو مستوى الروي منافسةً بين البطل الثائر واتفاق الدرك مع الأغا في محاولاتٍ متعددة للإمساك به، ومع مرور الوقت يتحوّل أبو علي لبطل تحبّه الناس، وتتداول مغامراته وتفوّقه على الدرك، وبطولاته التي يقوم بها نصرةً للحق ومقاومةً للظلم، ويبدأ الفلاحين بمساندته علانيّة وضمناً، إلى أن تتمّ الوشاية به من قبل “خاله – أحمد عدّاس”، الذي يسلمه للدرك أثناء زيارته للبيت.

بروشور لفيلم الفهد من إخراج الراحل نبيل المالح وعولج الفيلم بطريقة قريبة جداً من الذهنية الشعبية

الرمز

عُولجت حبكة القصّة بطريقة قريبة جداً من الذهنيّة الشعبيّة، العربيّة عموماً، وتبعاً لموقف عاطفي تجاه الشخصيّة الرمز، وكان تطوّر الأحداث مقنعاً جداً، فبيّن المخرج الدوافع الحقيقيّة لنشوء الشخصيّة، والمعاناة التي واجهها أثناء هروبه من الضيعة، وابتعاده عن زوجته وابنه، وملاحقة الدرك له في الجبال والجرد، وأسرهم لعائلته، وما إلى هنالك من أحداث جعلت من أبو علي شخصيّة واقعيّة من لحمٍ ودمّ، يمكن للمتلقي أن يصدّقها بقوّة وينفعل معها لأقصى حدّ.

بالأبيض والأسود فيلم الفهد السوري المنتج في العام 1972 واختار المخرج نبيل المالح هذه اللونية والطبيعة المؤلفة من صخور وأشجار وحقول

أبيض – أسود وزيادة

جاء الفيلم بالأبيض والأسود، إلا أن اللونيّة التي اختارها الراحل “نبيل المالح” كانت درجة اعتنت بتفاصيل المشهد ككلّ، فهناك أسلوب بصري مميّز يحفظ جماليّة المكان، وكأن لوناً ثالثاً يظهر مع الأبيض والأسود، ليمنح الفيلم بنية لونيّة محيّرة. أيضاً من العناصر التي جعلت الفهد من أجمل الأفلام السورية والتي ساهمت بإنجاحه: الإيقاع الموزّع بين الموسيقى والأغنيّة والحكاية، فهناك تواتر مدروس بين هذه العناصر الثلاثة، أضاف جماليّة خاصّة.

اللقطات

تنوّعت لقطات الفيلم بين عامّة ومتوسّطة وقريبة وأنواع أخرى، لكن اللقطة القريبة Closs لعبت دورها في اقتراب المتلقي من ملامح البطل الذي يتعرّف على حكايته، ويتعاطف معه، وهذا يساهم كثيراً في عيش التفاصيل والمشاعر والأفكار التي أراد المخرج أن يوصلها لنا عبر شخصيّة البطل، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى قوّة الفنان الكبير “أديب قدورة” الذي أدّى الدّور ببراعة النجوم، لا سيّما وأن هذا الدّور هو الأوّل له في عالم السينما، ومنه انطلق إلى العالميّة.

اللقطة الأجرأ في فيلم الفهد السينمائي لأديب قدورة وإغراء ويتميز بأنه فيلم جماهيري ما يزال إلى اليوم يستقطب حضور كبير من الناس في صالات السينما

فيلم جماهيري

على الرغم من قسوة الحكاية والنهاية المأساويّة للبطل، إلا أن الفهد يعدّ أجمل الأفلام السورية ويمكن القول بأنه فيلمٌ جماهيريٌّ، فخلال ثلاثين عاماً بقي يستقطب حضوره الكبير في صالات السينما، ويمكن الإشادة إلى عنصرين مهميّن كسرا من طبيعة الحكاية الأوّل هو الأغاني المعتمدة على كلمات بسيطة قريبة من الناس، والعنصر الثاني مشاهد الإغراء التي جسّدتها زوجة أبو علي “شفيقة – إغراء” وهذا ما جعل من الفيلم محاولة جادّة في نقل السينما في سوريا إلى مكانٍ جديد أكثر وضوحاً وتميّزاً، ولا بدّ لمن يودّ التعرف على ماهيّة السينما السوريّة أن يتطرق لفيلم الفهد، فهو فيلم يستحق أن يكون عنواناً لها.

المخرج الكبير نبيل المالح الذي أعد سيناريو فيلم الفهد وأخرجه عن رواية للأديب حيدر حيدر

حيدر والمالح

أُخذ الفيلم عن رواية “الفهد” للأديب “حيدر حيدر”، وأعدّ السيناريو المخرج نفسه “نبيل المالح”، أمّا كلمات الأغاني فكانت للأديب “ممدوح عدوان”، والموسيقى التصويريّة والتأليف للموسيقار “سهيل عرفة”، ومدير التصوير “حسن عز الدين”، مهندس الديكور “تاج الدين التاجي”، المونتاج “مروان عكاوي”، مدير الإنتاج “موفق الجندي”.

صورة قريبة للفنان القدير أديب قدورة بطل فيلم الفهد الحائز على جوائز عالمية ويعد أجمل الأفلام السورية

البطولة أديب قدورة

ومن الممثلين الذين شاركوا في الفيلم أيضاً: “خالد تاجا”، “أسعد فضّة”، “أحمد طرابيشي”، “حسين إدلبي”، “جورج كنعان”، “سليم صبري”، “نديم شراباتي”، “عبد الرحمن حمّود”، “فاتن شاهين”، “سهيل خليل”، و”عبد الوهاب جرّاح”.

عامر فؤاد عامر

جدل نيوز

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات