الجميل في الأدب أنّه فضفاض المعاني واسع الشموليّة، فإذا ما قرأت جملة ما أو سمعت بيت شعر، سينطلق خيالك باحثاً متصوّراً متسائلاً: ترى هل كان الكاتب يجلس على شرفته أو ربّما تعمّد الشاعر هنا وصف جارته؟
وأنا الآن أحببت أن أشارككم بعض مما استشعره قلبي عندما سمع جملة لأحدهم.
بداية النهايات تشبه حلاوة البدايات لكن كلّ منهما في طرف يعاكس الآخر، مثل عجوز خارت قواه يلوّح مودّعاً لطفل مقبل على الحياة.
العجوز يحاول خداع نفسه بأنّها ليست النهاية لكن صوت إحساسه الداخلي غالبٌ وغلّاب على حيلته للخداع.
والطفل أمامه بعيد وصعب المنال، لكنّه متمسّك باللحظات الأخيرة يطيل النظر إليه، فهو يعلم أصدق العلم أنّه إذ يغفل عينيه، فلا بدّ أنّ الطفل متلاشي وهو منتهي لا محالة.

هناك في المنتصف بينهما تتأرجح ضحكات، أحاديث، مشاعر وأمنيات كُتب عليها الوأد قبل ولادتها بالفعل، كأنّها خيط قطني لا يُنجي من غرق ولا يساعد على تسلّق، لكنّه خيار إجباري لو كنت أعزل وفوقك الجبل وأسفلك البحر.
في بداية النهايات وحلاوة البدايات يذهب الإنسان للأقصى رغماً عنه، للذروة في كلّ شيء، وكلّما كان الشعور أعمق في البداية، كان موجعاً في النهاية.
لا أريد إخبارك عن الحرب الضروس التي تشبّ عند إعلان بداية النهايات، فهي جحيم أنت أغنى عنه أو حتّى عن معرفة ما يدور فيه.
وهنا يبقى السؤال الأزلي الذي طرحه الكاتب الإنكليزي “تشارلز ديكنز”: “أيّهما أفضل، امتلاك شيء جيّد وفقدانه أم عدم امتلاكه على الإطلاق؟”، يطوف على وجه الأرض باحثاً عن إجابة.