الإثنين, يونيو 16, 2025
الرئيسيةالرئيسةتراجيديا الكرد في رواية الزلزال

تراجيديا الكرد في رواية الزلزال

تراجيديا الكرد في رواية الزلزال

عبر تراجيديا معينة يصف لنا الروائي ريبر هبون في رواية الزلزال حجم الظلم والقمع الذي وقع على الكرد بسبب أحداث الزلزال الذي وقع مؤخراً

يحاول الكاتب والشاعر (ريبر هبون) من خلال تجربته الأولى في حقل الرواية، تسليط الضوء على مآسي الكرد، ومعاناتهم عبر مقاربة (الزلزال)، الذي يحمل عنوان الرواية كتعبير عن حجم الظلم والقمع، الذي يتعرض له هذا الشعب في مختلف أجزاء وطنه المحتلّ كردستان، وحتّى في المصائب والكوارث الطبيعيّة. حيث تبدأ أحداث الرواية، التي تقع في 216 صفحة، والصادرة عن دار لوتس للنشر الحر عام 2023، منذ بداية الزلزال، الذي حدث قبل حوالي سنة في مناطق تركيّة وسوريّة، وتحديداً جنديرس، دياربكر، أورفا إضافة إلى مدن أخرى.

دلالات العنوان المختار ونتائجها الكارثية كظاهرة طبيعيّة يسقطها هنا المؤلّف على واقع الحياة، خاصّة فيما يخصّ الكرد، مستنداً على حدث الزلزال عبر شخصيّات الرواية مثل بيكس، لزكين، رونيا، اينور، أبو بروسك، ومن ثمّ ربط ذلك مع ما حصل في سوريا منذ العام 2011، وحتّى قبل ذلك في ظلّ حكم البعث. الزلزال الذي ضرب المنطقة بصعود التنظيمات المتطرّفة مثل داعش ومستنسخاتها من فصائل المعارضة السوريّة بعد احتلال تركيا لمدن سوريّة وكرديّة مثل: عفرين، وسريه كأنيه، وكري سبي، وعمليّات التهجير، والتغيير الديموغرافي التي تحدث هناك، وممارسات هذه الميليشيات التكفيريّة بحقّ الكرد.

يحاول الكاتب من خلال فصول الرواية وشخصياتها المتعددة نقل حجم تلك الانتهاكات والمعاناة، حيث يعثر بيكس الذي ينحدر من مدينة سريه كانيه المحتلّة، ويعيش في أورفا، ونجا من الزلزال.

يعثر على رسائل عشق تحت الأنقاض، كان قد كتبها لزكين (الذي قضى تحت الأنقاض في تركيا) لحبيبته رونيا من عفرين، والتي كانت تعيش زلزالاً يوميّاً في سجون فصائل المعارضة في عفرين (تعذيب واغتصاب).

إضافة إلى ذلك يستحضر الكاتب نفس المعاناة، والزلزال في الجزء الشمالي من كردستان على لسان أبطال آخرين من الرواية (أوسمان آمدي، زيلان، ميران)، وكذلك ربط ذلك الواقع تاريخيّاً بسياسة تركيا الممنهجة، والمجازر المرتكبة ضدّ الكرد وصولاً إلى الزلزال الأخير، وممارسات الميليشيات المتطرّفة التابعة لها.

تراجيديا الكرد في رواية الزلزال

الشاعر والروائي ريبر هبون في تجربته الروائية الأولى التي حملت عنوان الزلزال ويعرض فيها مآسي الكرد

ينجح الكاتب بسرده الروائي، وشخصيّاته في أزمنة وأمكنة متعددة في إظهار حجم ذلك الزلزال السياسي وآثاره على المجتمع السوري، وبشكل خاصّ على الكرد. فمثلاً كوباني كانت حاضرة بلسان شخصيّة روغيان الذي نجا بأعجوبة من مدارس داعش الشرعيّة بعد اعتقاله، وهو في طريقه إلى حلب لتقديم امتحانات الثانويّة، ثمّ ينجو من موت محقق بعد رحلة قارب الموت في البحر المتوسط، الذي يتعرّض للغرق على السواحل اليونانيّة، معاناة المهاجرين وممارسات مهرّبي البشر، موضوع آخر في سياق الرواية وفصولها.

الزلزال، رواية واقعيّة ذات خلفيّة تاريخيّة، وأحداث قريبة جرت في المنطقة، إضافةً إلى طابعها السياسي بحكم الأحداث، والخلفيّات التاريخيّة، وربطها بأنظمة وجماعات حكماً، سلطة وممارسة، عدا عن ذلك هناك بعض الصور الشعريّة الجميلة يستحضرها الكاتب في سياق السرد، وهذا يبدو واضحاً بحكم خلفيّة واهتمامات المؤلّف الشعريّة كتابة باللغة العربيّة والكرديّة.

هنا الطابع السياسي للرواية قد يكون تعبير عن حالة معاشة طبيعيّاً، لا يمكن فصله عن الواقع، وما يحدث اليوم وما حصل في السابق. الملاحظ أيضاً من خلال قراءتي للرواية هو تكرار مرور بعض الأحكام القطعيّة من قبل المؤلّف، وهذا أحياناً قد لا يترك الكثير من المساحة لخيارات وتفكير القارئ في استقراء الحكم فيما بعد.

وبحكم التجربة الأولى، حاول المؤلّف طرح الكثير من القضايا والأفكار خلال كتاب واحد، وهذا ما بدا واضحاً عبر فصول الرواية، والتي يمكن كتابة قصّة بذاتها في كلّ فصل، قد تؤخذ هذه الملاحظة بعين الاعتبار من قبل الصديق ريبر في أعمال مستقبليّة.

هذه قراءة مختصرة وسريعة لرواية “الزلزال” وطبعاً لم تكن كافية لإعطاء الرواية حقّها، لكنّها تعبير عن وجهة نظر وقراءة من قبلي كقارئ فقط، وليس كناقد أدبي، الذي بدوره يستطيعون قراءة وتقييم الرواية برؤية نقديّة أدبيّة مختلفة.

بالتوفيق للكاتب والصديق ريبر في أعماله الأدبيّة القادمة.

زارا صالح

جدل نيوز

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات