السبت, أبريل 19, 2025
الرئيسيةالرئيسةسرقة أسمهان وأم كلثوم

سرقة أسمهان وأم كلثوم

سرقة أسمهان وأم كلثوم

عانت الموسيقى العربيّة في أوائل القرن العشرين من عوائق كثيرة تجسّدت بدايةً في تعصُّب بعض الملحنين العرب للموسيقى العربيّة التقليديّة ورفض الألحان المعاصرة والتعبيريّة وعدم استخدام الآلات الموسيقيّة الغربيّة واعتماد الأغنية الفرديّة بدلاً من الاتجاه نحو الأعمال الجماعيّة كما في الغناء المسرحي والأعمال الأوبراليّة والأوبريتات، كلّ تلك العوامل حدّت من تطوّر موسيقانا وتنوّعها وانتشارها، إلا أن وصلت آلة فونوغراف إلى بلادنا العربيّة تزامناً مع خروج الاحتلال العثماني من الوطن العربي مما خلق مرحلة تطوّر للموسيقى العربيّة وأدخلها معترك العولمة الموسيقيّة، وما بين نقاط القوّة والضعف لدى الملحنين العرب ظهرت آنذاك عقد النقص لدى بعضهم، مما دفعهم إلى اللجوء للسرقات تحت مسمّى الاقتباس، وبعضهم مَن اتكَل على جهل الجمهور العربي في الأسطوانات الغربيّة، فنسخوا ألحاناً غربية « كما هي » بسذاجة فائقة!

لتلك الأسباب وغيرها تمّ إنشاء منظّمة ( sacem ) الفرنسيّة لحقوق المؤلّفين والملحنين منتصف القرن الماضي .

خلال بحث يوسف يوسف في أرشيف صباح وجد أغنية يا ليلى الصادرة في العام 1952 قد استخدم لحنها في أغنية ألوان التفاحة في فيلم أول نظرة

خلال بحثي في أرشيف السيّدة صباح وجدت أنّ أغنيتها الجميلة (يا ليلى نخّوا لحَدّك غصنين ريحان) الصادرة في العام ١٩٥٢ استُخدِمَ فيها لحن أغنيتها (ياللي ألوان التفاحة في خديكي) الصادرة العام ١٩٤٦ في فيلم (أول نظرة) وهي من ألحان فريد غصن!

تكررت حالات مشابهة لدى بعض المطربين قديماً، فاعتبروا اللحن تراثيّاً واستخدموه لقصائد مختلفة، لكننا نجد في أرشيف أسمهان أنّها ذات نصيب كبير من غش الملحنين بعد أن تمّ بيعها عدّة ألحان مسروقة كأغنيتها الشهيرة (يا حبيبي تعال الحقني) والتي أصدرتها العام ١٩٤٠ بعد أن غنّتها الفنّانة المصريّة ماري كويني في فيلم (زوجة بالنيابة) العام ١٩٣٦ على أنّها تلحين مدحت عاصم! ثمّ علمنا أنّ لحنَه نسخة عن لحن أغنية (اليتيم) الإسبانيّة الصادرة العام ١٩٣٠ على أسطوانات في نيويورك، والمعروف أن كاتبَ أغنية ماري وأسمهان الممثّل المصري أحمد جلال زوج ماري ومخرج وبطل الفيلم التي صدرت فيه الأغنية، لنكتشف الآن أنّ كلمات الأغنية مسروقة أيضاً فهي ترجمة حرفيّة للأغنية الإسبانيّة (اليتيم) .

ثمّ إنّ الأوبريت الشهير (مجنون ليلى) الصادر العام ١٩٣٩ بصوت أسمهان ومحمد عبد الوهاب الذي ادّعى أنّه ملحن الأوبريت أيضاً، كشفت اليونيسكو العام ١٩٧٩ فضيحة سرقته هذا اللحن من أوبرا (شمشون و دليلة) الفرنسيّة والعائدة للعام ١٨٧٧ .

كما كنت قد نشرت سابقاً مقالاً حول سرقة الملحن القصبجي لحن أغنية (أبوها راضي وأنا راضي) التي أصدرها المطرب صالح عبد الحي العام ١٩٢٧ تلحين زكريا أحمد، ليبيع القصبجي اللحن ذاته لأسمهان في العام ١٩٣٢ في قصيدة (أين الليالي).

نشر الباحث الموسيقي يوسف يوسف سابقاً حول سرقة القصبجي لحن أغنية أبوها راضي وأنا راضي لصالح عبد الحي في العام 1927 لزكريا أحمد وباع ذات اللحن لأسمهان فيما بعد

أسمهان وأم كلثوم و ٣ ألحان مشتركة !

صدرت أغنية (ليت للبراق عيناً) بصوت أسمهان العام ١٩٣٨ تلحين محمد القصبجي (على مقام رست) ويكاد لحنها يطابق لحن أغنية (يا طير يا عايش أسير) لأم كلثوم الصادرة العام ١٩٣٥ واللافت أنّ كلا اللحنين مأخوذين من أغنية أفغانيّة صدرت العام ١٩٣٤ كنت قد نشرتُها في صفحة الفيس بوك التي خصصتها لأرشيف أسمهان (عشاق أسمهان في سوريا) .

أمّا أغنية (محلاها عيشة الفلاح) التي أصدرتها أسمهان العام ١٩٣٩ تلحين محمد عبد الوهاب؛ ليس لحنُها سوى نسخة عن لحن السنباطي لأغنية (على بلد المحبوب) التي أصدرتها أم كلثوم العام ١٩٣٥ واللحنين من مقام بياتي مع فارق بسيط أنّ لحن أسمهان أسرع بقليل .

وكما يعلم الكثيرون أنّ خلافاً شخصيّاً حال بين أم كلثوم والسنباطي بسبب أسمهان العام ١٩٤٠ حول قصيدة (يال عينيك ويالي) التي عرضها السنباطي على أم كلثوم فطلبت إجراء بعض التعديلات عليها خوفاً من أسلوبها المعاصر وللاقتراب أكثر نحو الكلاسيكية والتطريب، رفض السنباطي وقصدَ أسمهان لغناء الأغنية كونها عُرفت بالخط التجديدي في مسيرتها القصيرة الحافلة .

أسمهان غنت قصيدة قرطبة الغراء وأجادتها وفي العام 1940 وقع خلاف بين أم كلثوم والسنباطي حول قصيدة يال عينيك ويالي التي عرضها على أم كلثوم فطلبت إجراء تعديلات

أم كلثوم غنّت لحناً لأسمهان !

وقعت أم كلثوم أيضاً في فخّ الألحان المسروقة، وهذه المرّة كان اللحن لأسمهان من أغنيتها المفقودة بعنوان (قرطبة الغراء) من تلحين السنباطي، وسجلتها أسمهان العام ١٩٤٠ لصالح إذاعة BBC البريطانيّة ولم تُطبَع على أسطوانات، ثمّ قدّمها السنباطي للفنّان صالح عبد الحي الذي سجّلها على أسطوانة في العام ١٩٤٤ وهي متوفّرة الآن بصوته، إلى أن طلبت أم كلثوم من السنباطي تلحين قصيدة (نهج البردة) العام ١٩٤٦، وهنا نقف عند أحد حوارات السنباطي في تلفزيون الكويت حينما قال أنه انتهى من تلحين (نهج البردة) خلال ثلاث ساعات فقط بعد أن أنصت لصوتٍ من السماء فألهَمَهُ وعزف السنباطي خلفه ذلك اللحن !

إن ما غفلته أم كلثوم حينها هو أن السنباطي كان ينصت لصوت أسمهان (الصوت السماوي) وبدأ بتلحين (نهج البردة) باستخدام لحنه القديم لأغنية أسمهان (قرطبة الغراء) ومن المؤكّد أنّ أم كلثوم لم تسمع أغنية أسمهان تلك لمحدوديّة انتشارها آنذاك واحتكارها في إذاعة BBC ولكن هل يعقل أنّها لم تسمع أسطوانة صالح عبد الحي لاحقاً؟

شخصيّاً أعتقد أنها سَمعتها بعد فترة واكتشفت خدعة السنباطي وقد يكون هذا سبباً غير المعلن من أسباب خلافاتهما المتكررة، والله أعلم !

بقلم يوسف يوسف

جدل نيوز

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات