الخميس, يوليو 31, 2025
الرئيسيةالرئيسةعشرون عام للصفحات الزرقاء

عشرون عام للصفحات الزرقاء

عشرون عام للصفحات الزرقاء

أشياء كثيرة قدمها موقع الواصل الاجتماعي فيسبوك على الناس منها ما هو جيد ومفيد ومنها ما هو سيء وغير مفيد ونستعرض في هذا المقال أهمها بعد مرور عشرين عام على ولادتها

ماذا فعلت بنا صفحات الـ”فيسبوك” بعد مرور عشرين عام على ولادة موقع التواصل الاجتماعي الآنف الذكر؟!

هل أضافت إلينا أم ألغت منّا؟! أم أنها ألغت أشياء وأضافت غيرها على حياة البشر؟!

استعرض الفكرة سريعاً عبر ذاكرتي فأجد أنّ هذا الـ”فيسبوك” كان ونيساً للإنسان، بل حالةً متجددةً للنشاط الفردي والجماعي، ففي كلّ يوم وكلّ ساعة وكلّ لحظة ستجد مبتغاكً كمتصفحٍ لمشوراتٍ كثيرةٍ من الأخبار والصور، وربّما الفيديوهات التي ترضي غرورك الداخليّ، وتشحنك بما تحبّ وما لا تحبّ.

انطلق من النقطة السابقة، فقد أجبر الفيسبوك الناس اتباع عاداتٍ جديدة، لم تكن من العادات الجمعيّة عند الناس ما قبل العام 2004، ومنها أنه بات مشكّلاً مصدر حقيقي للمعلومات لدى جماعاتٍ لا تعدّ ولا تحصى.

لا تتفاجئ أيّها القارئ العزيز إن قلت لك أن العديد من أبناء الجيل الحديث جدّاً لا يعلم في الحياة مصدراً للمعلومات سوى الصفحات الزرقاء!

أبناء الجيل الجديد يتثقف ويزيد من معلوماته عبر الفيسبوك ويعتبره مصدر حيوي للمعلومات ولا يدرك أهمية المواقع الإلكترونية في تقديم المعلومات وهذه من تأثيرات الصفحات الزرقاء بعد مرور عشرين عام على ولادتها

وأشي لكَ هذه الوشاية، ففي مرّةٍ كنتُ أدرّب بها مجموعة من خريجي كليّة الصحافة (بطلبٍ منهم) من أجل الانطلاق للعمل في الوسط العزيز، أذكر أنني كلفتهم بالبحث عن معلوماتٍ كوظيفةٍ أولى أرشدّتهم بها إلى أسماء مواقع إلكترونيّة، ومدوّناتٍ شخصيّة، علّي أخفف عنهم قليلاً من عبء الوظيفة ووقتها، لكن المفاجئة الصادمة أن البعض كان لا يدرك ولم يسمع ولم يستوعب أن هناك شيء يدعى موقع إلكتروني، فاكتشف من خلال أسئلة البعض أن الفيسبوك هو الوسيلة المعرفيّة الوحيدة المسيطرة على ذهنهم، وبأنّه الحقيقة التي لا يمكن الطعن بها، فعن أيّ صحافةٍ تتحدّثون؟!

لم يعدّ موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” صدمة لنا بما يؤمن به الجيل الجديد، بل بات يسيّطر على أدمغة الناس المتقدّمة في السنّ، ولو على درجاتٍ متفاوتة، الذين ولدوا خارج زمن الصفحات الزرقاء أصلاً،

فها هو “فيسبوك” يصدّر نفسه وسيلةً ثوريّة في تتبّع الأحداث، ونقل المعلومات، ومحرّضاً الهياج الشعبي من بلدٍ إلى آخر، ومن مدينة إلى مدينة أخرى، والتاريخ يوثّق ذلك منذ نهاية العام 2010، وما بعدها، من (هرمنا) إلى ما يُدعى بـ(الربيع العربي) وما خلفه من دمارٍ مستمر.

يقال أن الفيسبوك يقرب الناس من بعضهم البعض وهذه كذبة فالصفحات الزرقاء تعزز من الأنانية وتساعد على التوحد

عشرون عام للصفحات الزرقاء

كذبة بيضاء، ينطقها فيسبوك والفيسبوكيين، محددة بين قوسين، وهي أنه يقرّب الناس من بعضهم البعض، ويعرفك على أصدقاء من كلّ البلاد، لكن في الحقيقة هذا غير حقيقي وغير مُجدي إن وُجدَ أصلاً، لا سيّما ولغة التواصل الاجتماعي الافتراضيّة تعزز من الوحدة والأنانيّة، ولن نكون قد زدنا شططاً إذا قلنا إن الصفحات الزرقاء باتت من وسائل مرض التوحّد، على درجاته، ولو كنتَ كبيراً في السنّ أيّها المستخدم الأزرق!

وإن كان لديك كلمة السر الخاصّة بك، وصفحتك الشخصيّة التي تسيطر عليها برأيك، لكن في الحقيقة أنت تنعزل عن عالمك الحقيقي، من دون أن تنتبه لنفسك، بدلالة إدمانك اليومي على الجوال، ولو كنت تجلس مع أعزّ الناس وأقربهم إلى قلبك، فها هو ينتزعك من ذاتك يا صديقي، وإيّاك أن تقول إنني أبالغ.

لن أطيل، ولن أزيد أكثر، فالباقي تعلمونه وتعرفونه جيّداً، ربّما من طأطأة رأسك التي تعلّمك الانقياد من دون أن تدري، والاستسلام لما يُملى عليك وما تدافع عنه بأنه حقيقة وهو لا يقربها أبداً، ناهيك عن الصحة، والعيون المتراجعة القدرات، وما إلى هنالك من كوراث، وفضائح تنأى عن الخصوصيّة المدّعاة، وقصص الاحتيال التي لن تنتهي، وصيحات الهاكرز السينمائيّة، وإلى ما هنالك وما يتبع من هذه النظرة السريعة.

لا أدعوك لهجرة موقع التواصل الاجتماعي هذا والذهاب إلى غيره لكن أقول لك فقط فكر ما الذي أضافه لك الفيسبوك بعد مرور 20 عام وما الذي حرمك منه

ومع ذلك أحبّتي أنا لا أشجعكم على ترك هذا الموقع، أو هجرته إلى موقع تواصل اجتماعي آخر، على الرغم من أن ذلك يجدي، لا سيّما وأن ما يحصل في جوارنا من قتل وتدمير ومجازر ومذابح يوميّة ساهم الفيسبوك بقوانينه الصارمة إخفائها، وعدم توضيح الصورة الكاملة أمام الرأي العامّ العالمي، مما زاد من ضغينة الكثيرين على هذا الموقع الافتراضي.

وكما قلت وأزيد أنا لا أدعوك لذلك؛ بل أدعوك وبعد مرور عشرين عام على ولادة الفيسبوك أن تسأل نفسك من جديد ما الذي أخذه منك هذا التطبيق، وما الذي أضافه لكَ؟

بل استزد بتأملك وصفناتك وفكّر أكثر، بأن تجعل مثل هذه الوسائل هي درجة لك لتصعد عليها وترتقي بنفسك من خلالها، لا أن تجعلك أنتَ درجة تصعد هي عليها، وتستخدمك بدلاً من أن تستخدمها أنت.

بقلم رئيس التحرير: عامر فؤاد عامر

جدل نيوز

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات