الأحد, أكتوبر 26, 2025
الرئيسيةفنونأخبار فنيةفاروق الجمعات.. صوت دافئ وبراعة في التمثيل المسرحي

فاروق الجمعات.. صوت دافئ وبراعة في التمثيل المسرحي

بدأت الحكاية من قرية جِباب في ريف درعا، حيث وُلد فاروق الجمعات عام 1958 قبل أن يشق طريقه مهنيًا عبر بوابة المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق. هناك صقل أدواته الأكاديمية، والتحق بعد تخرّجه بالمسرح القومي ليضع قدمه الأولى على الخشبة، ويكتسب حضورًا مميزًا جمع بين صارمية الأداء وحنان الصوت. في عام 1983 انضم إلى نقابة الفنانين، لتبدأ مرحلة احترافية طويلة امتدت حتى رحيله عام 2021.

صوت فاروق الجمعات.. بداية لمستقبل أجمل

صوت الجُمعات كان بطاقة تعريفه الأولى. نبرته الرخيمة ووضوح مخارج الحروف منحاه رصيدًا خاصًا في الإذاعة والسرد، كما أعاناه على أداء الشخصيات التاريخية والبدوية بملمس سمعي مُقنع؛ إذ عُرف بإتقان اللهجة البدوية وما تحمله من إيقاع خاص، وهو ما رسّخ حضوره في أعمال من هذا اللون. الصوت نفسه كان امتدادًا لخياراته المسرحية: جمل موزونة، وقفات محسوبة، وإحساس إلقائي يجعل المنولوج جزءًا من المعمار الدرامي لا مجرد وسيلة للتعبير.

رحلة الجمعات على التلفزيون

على التلفزيون، راكم الجُمعات مشاركات لافتة في مسلسلات متنوّعة بين التاريخي والدرامي الاجتماعي، من بينها «أوركيديا» (2017) و«سنة أولى زواج» (2017) و«جدّي بحر» (2014) و«حارس الجبل» (2020). كان يميل إلى الشخصيات الصارمة أو الحكماء ذوي الخلفية العشائرية، مستعينًا بوقار الطلة وهدوء النبرة لخلق توازن بين القوة والرحمة. تلك الخيارات رسّخت صورته كـ«ممثل خدمة» يتقن ملء المشهد ورفع منسوب صدقيته دون ادّعاء البطولة.

اقرأ أيضاً: “الحمار الذهبي”: أول رواية مكتملة في تاريخ البشرية

فاروق الجمعات

الخبرة تلعب الدور الأبرز

في المسرح، ظلّ قريبًا من بيت الخبرة الأول: المسرح القومي. هناك اختبر جماليات المخاطبة المباشرة مع الجمهور، وتمرّن على الاقتصاد في الحركة والدقة في الإشارات. المسرح صنع لديه «العضلة» التي استثمرها لاحقًا أمام الكاميرا: الالتزام بإيقاع المشهد، فهم موقعه ضمن البناء، والقدرة على ضبط الانفعال. هذا الانضباط الأكاديمي كان الخلفية التي جعلت حضوره التلفزيوني مريحًا للمخرجين وزملائه، وأكسبه ثقةً تُترجم غالبًا إلى مساحات أداء دقيقة حتى في الأدوار الثانوية.

الأثر الطيب

لا يتوقف أثر الجُمعات عند شاشة أو خشبة. فقد طرق أبواب التأليف والشعر، واشتغل في الإذاعة، موسّعًا عُدّته الفنية ومنسوب تواصله مع الجمهور. في سيرته لم تكن «النجومية» هدفًا بقدر ما كانت النتيجة الطبيعية لعمل صبور يُراكم الخبرة ويُحافظ على صورة الفنان الملتزم بأخلاقيات المهنة. ربما لهذا بدا رحيله في 12 أيلول/سبتمبر 2021 صادمًا لرفاقه وجمهوره؛ نعته نقابة الفنانين، وأُشير إلى بصمته الواضحة في الدراما التاريخية والبدوية تحديدًا، حيث ترك ملامح مدرسة في الأداء الهادئ الموثوق، وفي الصوت الذي يعرف كيف يُمسك بخيط الحكاية حتى النهاية.

رحل فاروق الجُمعات وبقي صدى صوته في أذن الدراما السورية: ممثل «حلو الصوت» و«مسرحي كويس» كما يحب جمهوره أن يعرّفه—فنانٌ جمع بين العلم والحرفة، بين رهافة الإلقاء وصرامة البناء، وترك من خلفه مسارًا مهنيًا يمكن لأي ممثل شاب أن يتلمّس فيه طريقًا واضحًا نحو الاحتراف.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات