الأحد, أغسطس 3, 2025
الرئيسيةالرئيسةفايزة أحمد رحلة نهايتها الخلود

فايزة أحمد رحلة نهايتها الخلود

فايزة أحمد رحلة نهايتها الخلود

تعدّ سوريا الموطن الذي صدّر للعالم عذوبة الصوت الأنثوي وفرادته، فلا اختلاف أن ربّة المعبد أورنينا كانت من أطلق الموسيقا والشعر

الغنائي بهالة من القداسة لأهل الأرض، ولا نكران بأن كلّ جيلٍ بدأ يحمل هذا الميراث من خلال أصوات صنعت مع مرور الزمن خلودها

الخاصّ، فتمرّ السنون والأزمان لنجد العديد من الأصوات الثريّة والفريدة في تاريخ أغنيتنا العربيّة على وجه العموم، والسوريّة على وجه

الخصوص.

نستذكر مع نهاية شهر أيلول موعد وفاة الفنّانة السوريّة القديرة فايزة أحمد، هذه الفنّانة التي فارقت الحياة في عمرٍ مبكر، بعد أن عانت

وقدّمت وكافحت لنجدها اليوم أيقونة من أيقونات الزمن الجميل زمن الغناء الأصيل الذي نحنّ له ونعيد كتابته وغنائه ولا نملّ منه أبداً.

في سنوية فايزة أحمد نستذكر بعض المحطات من حياة هذه الفنانة القديرة التي جاءت من مدينة حلب إلى إذاعة دمشق ثم انتقلت للعراق وبعدها اكتسحت مصر بقوة

حلب فدمشق والعراق ثم مصر

دخلت هذه الفنّانة معترك ساحة الفنّ الغنائي في عمر العشر سنوات تقريباً، وكانت تمتلك خامة ملفتة للانتباه، وجواز مرورها إلى عالم الغناء

كان من مدينة حلب العريقة فجاءت دمشق لتعيش تجربتها، وتذكر المصادر أنها لم توفق كثيراً فيها فغادرتها إلى العراق لتغني عدداً من

الأغنيات هناك، لكنها أدركت أن الطريق إلى القاهرة هو ما يجب أن يكون، فأعادت ترتيب أوراقها هناك، واستقبلتها الإذاعة المصرية فسمعها

الملحن الكبير محمد الموجي وكان أوّل من قدّم لها أغنية من ألحانه “أنا قلبي إليك ميّال” هذه الأغنية التي انتشرت عربياً وثبتت أقدامها على

الساحة بسببها، وبعدها توالت عليها ألحان أهم فناني مصر أمثال زكريا أحمد، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، محمد الموجي، محمود

الشريف، سيد مكاوي، وبليغ حمدي الذي لحن لها أغنية “ماتحبينيش بالشكل ده” والذي يمكن عدّه مع محمد الموجي أنهما الملحنان اللذان

قدماها للعالم العربي كمطربة خاصّة لا مثيل لها.

ستّ الحبايب

لكن لا بدّ لنا من الوقوف عند أغنية “ست الحبايب” الأغنية التي يسمعها كلّ عربي في احتفاله بعيد الأم ومناسبات كثيرة من كلّ عام، وهذه

الأغنية من ألحان محمد عبد الوهاب وهذه الأغنية هي الوحيدة التي تنازل عنها هذا الموسيقار لصوتٍ من أصوات تلك المرحلة، وقد قدم

لفايزة أحمد عدداً من الألحان نذكر منها: “بصراحة”، “خاف الله”.

الراحلة فايزة أحمد تزوجت من الموسيقار محمد سلطان وقدم لها العديد من الألحان المميزة والمهمة وكانت حينها نجمة صف أول فغنت لمحمد الموجي أنا قلبي إليك ميال وحققت نجومية وشهرة كبيرة

مطربة العائلة

فايزة أحمد رحلة في نهايتها الخلود فقد لُقبت بالعديد من الألقاب: كروان الشرق والصوت الغريّد، وتذكر المصادر بأن السيدة أم كلثوم كانت

تلقبها بالصوت الشجي وكانت عندما تريد أن تُطرب تستمع لفايزة أحمد وترسل إليها للحفلات والجلسات الغنائية التي تقيمها في بيتها. كما

لقبت بمطربة العائلة أو الأسرة فقد غنت لجميع أفراد العائلة: “يا حبيبتي يا أمي”، “يا غالي علي يا حبيبي يا خويا”، “بيت العز يا بيتنا”،

“بنتي أمورة أحلى من الصورة”، و”إلهي يحرسك من عيني يا محمد” بالإضافة إلى “ست الحبايب”. وفي وثيقة أظهرها الباحث الموسيقي

السوري محمد المصري الملقب بأبو فريد نتبين بأن لقب مطربة الجيل كان قد أطلق بداية في مصر على الفنانة فايزة أحمد، وفيما بعد أطلق

الصحفي بديع سربيه على الفنانة ميادة حناوي هذا اللقب.

محمد سلطان

بعد أن أصبحت سيدة من سيدات الغناء العربي، تزوجت من الموسيقار محمد سلطان، واستمر زواجهما الفني والإنساني 18 عشر عاماً أثمر

عن ولدين هما الطبيبين طارق وعمرو، كما لحن لها زوجها محمد سلطان: “خلينا ننسى”، “أيوا تعبني هواك”، “نقطة الضعف”، “علمتني

الدنيا”، والكثير من الألحان المهمّة، ويمكن القول بأن فايزة أحمد هي من أبرز زوجها ممد سلطان في الساحة كأحد أهم الملحنين، فقد كان

ممثلاً في السينما وبعد الزواج شجعته على التلحين فقد آمنت بأنه يمتلك جملاً لحنيّة مهمّة، فبرز من خلال صوتها وكان أوّل لحنٍ قدّمه لها من

خلا أغنية “أُؤمر يا قمر أمرك ماشي”.

فايزة أحمد رحلة نهايتها الخلود

حصلت منافسة كبيرة بينها وبين زملائها الفنانين، ولا سيما الفنانة وردة الجزائرية، وقد قدرتها الصحافة وأقلام النقاد بأنها تفوق وردة

الجزائرية بخطوات طويلة من حيث أهمية صوتها وغناه على المسرح، كما شاركت في بطولة عمل مسرحي غنائي وحيد “أوبريت مصر

بلدنا”.

أمّا حفلاتها الأبرز في دمشق فكانت أيّام الوحدة بين البلدين، ولها حفلات عديدة في حلب والشام ومن أهمها حفلة “هان الودّ” مع الموسيقي

أحمد فؤاد حسن، وفي حفلات معرض دمشق الدّولي، وحفلات أخرى قبل شهرتها العربيّة ما بين حلب ودمشق أيضاً.

في شهادة من الباحث الموسيقي عثمان الحناوي عن فايزة أحمد رحلة نهايتها الخلود قال أنها كريمة وودودة وشعرت بظلم ميادة أخته ومدت يد العون لهما ولها موقف من عبد الحليم حافظ في فيلم الوسادة الخالية

شهادة

ولدى حديثه لنا قدّم الباحث الموسيقي عثمان حناوي شهادة عن القديرة فايزة أحمد رحلة نهايتها الخلود : “هذه الإنسانة كريمة وودودة

وأذكرها جيداً في موقفها مع أختي الفنانة ميادة حناوي يوم صدر قرار ترحيلها عنوةً من مصر، وكانت قد آمنت بكامل قوتها بصوت ميادة،

ولم ترضى إلا بعودتها إلى مصر من جديد، وتحدّت السلطات المصريّة حينها من أجل ابنة بلدها هناك، وشعرت بظلم ميادة ووقفت إلى جانبها

في مرحلة لم نجد فيها أحد يقف أمام هذه المؤامرة. لن أنسى أنا وميادة هذا الموقف. أيضاً من مواقفها التي لا بدّ لي من التعريج عليها هو

موقفها تجاه صديقتها الفنانة سعاد محمد، فقد لمست صوتها الجميل ورغبت في دفعها إلى الأمام فطلبت من زوجها أن يقدم لها لحناً مختلفاً

فكانت أغنية “أوعدك” التي خلدت اسم الفنانة سعاد محمد في تاريخ الأغنية العربية”.

السينما …

كما شاركت الفنانة فايزة أحمد أيضاً في السينما من خلال سبعة أفلام: “أنا وبناتي”، “تمر حنة”، “منتهى الفرح”، “امسك حرامي”، “المليونير

الفقير”، “ليلى بنت الشاطئ”، و”عريس مراتي”.

ومن المواقف التي نذكرها بين الفنانة فايزة أحمد والفنان عبد الحليم حافظ، أنه تمّ الاتفاق معها في فيلم “الوسادة الخالية” على تقديم أغنيتها

“أسمر يا اسمراني” صوتاً فقط لممثلة ظهرت على المسرح مع عبد الحليم في الفيلم، وبعد انتشار الفيلم لفتت الأغنية عبد الحليم ليذهب

ويسجلها بصوته وينشرها في الإذاعة، ومن دون استئذان صاحبة الأغنية أي فايزة أحمد، فغضبت منه كثيراً وعمدت أن تأخذ لحن أغنية

“قلولوا الحقيقة” ورتبت لها كلمات أخرى ونشرتها بعنوان “يا وابور الحقيقة” فجنّ جنون عبد الحليم وبقي يهاجمها عبر الصحافة سنواتٍ

طويلة.

الراحلة فايزة أحمد والكثير من المحطات المهمة في حياتها فقد لقبت بمطربة العائلة وكروان الشرق وأحبت أم كلثوم صوتها

أخيراً توفيت الفنانة فايزة أحمد عن عمر 52  عاماً بعد صراع مع المرض، لكنها تركت إرثاً غنائيّاً لا يستهان به، أربعمائة أغنية ما عدا الحفلات والأعمال الفنية والمشاركات والتسجيلات واللقاءات.

عامر فؤاد عامر

جدل نيوز

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات