على قيد الفراق
يتوجب على الموت أحياناً أن يأتي مسرعاً، بلا مقدّمات ولا احتضارات، فتعاني الضحيّة من ألم الموت وحده، وربّما ما يأتي
بعده، وتُعفى من العذاب قبله … كذلك يتوجّب على الفراق!
لم يعدّ من القبر أحداً فيخبرنا بما كابده من الموت وما بعده، لكن من فارقوا وتظاهروا بأنّهم على قيد الحياة كُثر، وأخبرونا الكثير.
لا أدري على حين غرّة كيف أصبح العالم معطّراً برائحة البعد والنوى، مكتظاً بأؤلئك الذين ينتظرون لحظات قدّموا أرواحهم قرابيين كي لا
تأتي، لن تتوه عنهم فعيونهم تتلوّن بالخريف، وأصواتهم مخنوقة متلبّدة بالغيوم كما السماء قبل سقوط المطر، قلوبهم دائمة الارتجاف مهما
حاولوا تدفئتها بالمعاطف فصقيع الحياة بعد غياب الأحبّة أشدّ فتكاً من الطاعون.
على قيد الفراق

على قيد الفراق
ربّما “الناجون من الموت يتقنون الحياة”، أمّا من تغلغل الفراق بهم ثمّ رماهم على قارعة الدنيا لا حول لهم ولا قوّة، أظنّ أنّهم سيكملون
عمرهم يعيشون في برزخ هذا العالم المرئي، معلّقين بمنطقة رماديّة يحاولون التجاوز أحياناً لكن احتماليّة المصادفة لفراق قادم تحبط
محاولاتهم.
فالتفكير لبرهةٍ بأن تعيد تلك التجربة المريرة قادر على حبسك في قوقعة صلبة تجثو بداخلها على ركبتيك تدعو الله ألا يختبر صبرك في فراق
جديد.